القيادة والبروتوكول والإتيكيت

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/يوليو/٢٠٢٠ ٢٠:٤٢ م
القيادة والبروتوكول والإتيكيت

سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق

هذا هو مثلث الحياة العصرية المدنية الحديثة التي يركز عليها علم الأجتماع في نظرياته وورش العمل التي يشرف عليها ؛ لأنه يحتوي على كل دلالات ومعاني وسمو الحياة المدنية ، هذا المثلث " القيادة، البروتوكول، الإتيكيت " يعتبر هدفًا ساميًا في المعنى المتكامل للشخصية التي تريد أن تبرز بكل أحترام وتقدير وتنال رضا المقابل على المستوى الرسمي لكبار الشخصيات أو على المستوى العائلي الاجتماعي ، سواء كهرم الدولة أم وزير أم السلك الدبلوماسي والدرجات الخاصة وغيرها وكذلك على المستوى العائلي ، فكثير من رؤساء الجمهوريات المنتخبين يفتقدون إلى أبسط معالم وطرق الاستقبال والجلوس وطرق البروتوكول مع الوفود الأجنبية وكذلك إتيكيت التعامل الفردي مع الطاقم الرئاسي ، وإن كان قائدًا ناجحاً في أفكاره وأطروحاته ؛ لذلك فإن مثلث الحياة مهم لجميع شرائح المجتمع وخاصة كبار الشخصيات وخصوصاً السلك الدبلوماسي.
تتفاخر المدارس الدبلوماسية وتتبارى على مختلف مسمياتها وجنسياتها وأماكنها لتضع هذه العناصر الثلاثة ( القيادة ، البروتوكول ، والإتيكيت )كأنها تاج وروح الحياة اليومية ، سواء عن طريق نظرية الاكتساب أم عن طريق نظرية التعلم ويخضع الكادر الدبلوماسي الغربي على وجه الخصوص بدورات وورش مكثفة في هذا العناصر الثلاثة لكي يعكس السمعة والصورة الجميلة والعصرية لبلده.
وأشتهر مثلث الحياة وبدأ في بيوت السلاطين والملوك أولا في بداية القرن السادس عشر بعد الثورة الصناعية لما له من تبعات ورود أفعال على شخصية القائد في أي مكان كان ، سواء في القيادة أم البروتوكول وكيف يتصرف مع الآخرين أو بالإتيكيت وسلوكه اليومي.
إن مثلث الحياة اليومية ليس حصرياً على الملوك والسلاطين والرؤساء وكبار الشخصيات ، بل ركز العالم "فرويد" في نظريات علم النفس على العائلة وهي أصغر نواة للمجتمع لذلك على الأب أو الأم أن يتحليا ويتسلحا بهذه الجوانب الحيوية من مثلث الحياة ، فعلى سبيل المثال الأب وهو رب الأسرة عليه أن يكون القدوة في التصرف وقيادة العائلة بأعلى درجات التضحية والمثابرة ؛ لأن أبناءه ينظرون إليه كقدوة في كل شيء وكذلك ينظرون إلى تصرفاته وملابسه اليومية فإن كان مبتذلًا في كل شيء ولا يعير أهميه لتصرفاته وسلوكه اليومي الذي يدخل ضمن باب البروتوكول العائلي ، فإن الأطفال وحتى الزوجة تأخذ مسارًا عكسيا معه وكذلك تصرفاته وسلوكه في الأكل والكلام والمحادثة كلها تعكس شخصية الوالد القائد في العائلة، فإن كان أهلا لها وحريصاً على أبنائه بدعم مستمر من القائد الرديف وهي الزوجة الحنونة المربية التي تسهر وتضحي من أجل سمو العائلة وخلق شباب المستقبل ليخدموا أنفسهم أولًا وبلدانهم ثانيا بكل المعطيات التي بنيت عليها العائلة وهي مثلث الحياة ( القيادة والبروتوكول والإتيكيت) والعكس إذا نشأ الأبناء في أسرة متفككة من قبل القائد ورديفه ، فسيكونون أدوات ووسائل سهلة ومتنوعة لنشر الجرائم والمخدرات والسرقات وهذا كله بسبب ضياع مثلث الحياة في نواة المجتمع ألا وهو العائلة؛ لذلك بدأ علم الاجتماع وعلم النفس يركزان كثيراً على قيادة الأسرة بإيجابية لغرض بناء مجتمع متكامل ناضج.
وقبل الشروع في هذا المقال المتواضع الذي سوف يكون عبارة عن عدة أجزاء ليغطي ولو جزءًا يسيرًا من هذا الجانب الحيوي في حياتنا ؛ لأنه يبدأ من قمة هرم الدولة إلى أصغر مواطن في المجتمع سوف نتطرق فقط الى ب القيادة والقائد الناجح وبعجاندها بالجوانب الأخرى.
نبدأ بتعريف القيادة والقائد الناجح وعلاقتها الوطيدة بالتروتوكول والإتيكيت وكيف أن أي خلل في أي جانب يؤثر تأثيرا مباشرا على بقية هيكل الحياة فالدبلوماسي الذي تكون معلوماته ريكيكة في البرتوكول والاتيكيت سوف يسئ لسمعة بلده وخاصة في المحافل الدولية.
الـقيادة تُعرف بأنها الـقـدرة عـلى إقناع الآخـريـن لتأدية أعمال معينة للوصول إلى الهدف المنشود وتحقيق أفضل النتائج الإيجابية وبأقل الخسائر إن وجدت بشكل اختياري أو الامتناع عن سلوك معين. ويُعد مفهوم القيادة من المفاهيم الإدارية في القيادة المركزية التي تأتي من قدرة القادة للوصول إلى أهدافهم الاستراتيجية بمواقيت زمنية محددة وخطط أكاديمية مدروسة على إحصائيات متوفرة ، فعلى سبيل المثال هرم الدولة لا يستطيع أن ينفذ مشاريع أستثمارية ما لم يقف على قاعدة رصينة من الكفاءات أولًا والدخل القومي المتين لكي يحدد الأهداف والمشاريع وحساب الكلف والأرباح والمدة الزمنية لذلك.
على القائد أولًا الشعور بأهمية الرسالة الإنسانية التي يريد تأديتها وأن يؤمن بقدرته على القيادة / أن يتحلى بالشخصية القوية وأن يحب عمله كقائد / أن يكون له القدرة على مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة وإقدام ورحابة صدر/ أن لأ يكون دكتاتوريا أو أنانيا ويبتعد عن القبلية والتطرف الديني / أن يكون ناضجاً وصاحب آراء مميزة / أن يكون صاحب حكمة للتمييز بين المهم والأهم/ أن يتحلّى بالطاقة والنشاط والحماس و الحيوية والرغبة في العمل والمبادرة/ لديه الحزم والثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة والاستعداد الدائم للعمل و يضحّي برغباته واحتياجاته الشخصية ليحقق المصالح العامة/ أن يتمتع بمهارات الاتصال والتخاطب و فصاحة اللسان وقوة التعبير والقدرات الإدارية والقدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وتشكيل فريق العمل بعيداً عن القبلية والعلاقات الشخصية وتقويم أدائهم ، فالقائد الناجح لا ينتظر الأحداث بل يصنعها ، و بالطرق الجديدة ؛ ليعمل على تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل.
إن القائد الناجح له القدرة على اتخاذ القرار فهو الذي يضع الخطط المدروسة والمميزة ولديه المهارة الاجتماعية العالية التي تعطيه القدرة على التواصل مع الآخرين وإيصال ما لديه من أفكار و يكون مستمعا جيدا ومحاورا ذكيا وماهرا بنفس الوقت وأن يكون مثقفا ويطور نفسه بالقراءة والاطلاع يوميا على ما هو جديد في مختلف المجالات ، وعلى القائد الناجح أن يضع العامل الإنساني فوق كل الاعتبارات لأن القوانين التي شرعت هي أصل لخدمة البشر وهذه القوانين هي مجرد تنظيم للعمل وليس صك غفران لا يمكن تغييرها.
الجدير بالذكر ، أن كل ما تقدم ذكره هو جزء بسيط في موضوع القيادة التي هي أحد أعمدة المثلث التي تعتمد اعتمادًا كليًا على البروتوكول والإتيكيت لأن بدونهما تعتبر القيادة ناقصة المعالم وغير مكتملة الصورة ويصبح القائد والشخص المعني محل أستهجان ، وشك بسبب سلوكه وتصرفاته التي لا تحمل اي بصمات مميزة ومدروسة في فن الأتيكيت والبرتوكول وهذا ما سوف نتطرق اليه في المقال القادم إن شاء الله تعالى لان القائد الناجح أو الدبلوماسي الناجح أو حتى رب الاسرة الناجح إن لم يتسلح بفن البرتوكول والأتيكيت كأنه طالب مجتهد جاء الى قاعة الامتحان ولا يحمل معه أي اقلام أو أوراق لكي يجاوب على اسئلة الاختبار( فوجوده من عدمه).