"دوسي" لتعليم الفتيات السكوتر

مزاج الأحد ٠٩/أغسطس/٢٠٢٠ ٢٠:٠٥ م
"دوسي" لتعليم الفتيات السكوتر

التقيت افتراضياً عبر زووم، الشقيقتين منة ونوران فاروق للحديث عن منصة "دوسي" لتعليم الفتيات قيادة السكوتر والدراجة الهوائية في مصر، وعن أهدافها، والإقبال عليها وكيفية تطويرها.
"ما عنّا بنات تركب سكوتر"... لا شك أن الكثير من الفتيات في مختلف الدول العربية ترددت على مسامعهنّ هذه العبارة.

فنادراً ما نرى فتاة تركب السكوتر في طرقات المدن العربية وغالباً ما تثير رؤية أي فتاة على دراجة نارية المفاجأة أو حتى الصدمة. إلا أن الوضع يتغيّر، وتحديداً في مصر، حيث تريد منة ونوران فاروق أن توفرا مكاناً آمناً للفتيات والسيدات لتعلم ركوب السكوتر و"العجل" (الدراجة الهوائية) وفرصة لكسر الصورة النمطية السائدة في مجتمعاتنا.
وتخبرنا نوران "دوسي هي فكرة بدأت منذ حوالي السنة. كنت أرغب أنا وأختي بتعلم قيادة السكوتر لكننا لم نجد ما يناسبنا. لذلك فكرنا بتأسيس مشروع يُسهّل ذلك".

فكرة سرعان ما تبلورت على الأرض بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً فيسبوك. تخبرنا منة "وضعنا إعلان على صفحتنا يشير إلى أننا نحتاج لمدربات سكوتر، فتقدم عدد كبير منهنّ. بدأنا بإجراء المقابلات واختيار المدربات اعتماداً على بعض المعايير مثل الخبرة وتنوّع الخلفيات الاجتماعية ليكون هناك تقارب بين المُدرّبة والمتدربة".

وهنا تضيف نوران "بالنسبة لاختيار المدربة، سواء للسكوتر أو الدراجات، أهم شيء بالنسبة لنا هو أن تكون محترفة وأن تكون تقود السكوتر منذ سنوات وليست هاوية، كي تتمكن من أن تفيد المتدربة أكثر وتمنحها المزيد من المعلومات وأن تشرح لها لتكون الأخيرة جاهزة للقيادة على الطرق العامة".

ماجي ممدوح تعمل في مجال هندسة البرمجيات وتركب السكوتر منذ سنتين. تخبرنا أنها اضطرت إلى تعلم ركوب الدراجة الهوائية وبعدها ركوب السكوتر مع إحدى الصديقات. لكن هذه الأخيرة توقفت عن ذلك بعد أن تعرضت ماجي إلى حادثين لأنها أرادت القيادة على الطريق العام قبل أن تصبح متمرسة.

أمر تشدد عليه كثيراً ممدوح التي باتت إحدى مدربات "دوسي" خلال صفوفها هي التي تعتبر أن هذه التجربة زادت من ثقتها بنفسها وعلّمتها النضج وطريقة التعامل مع الناس حيث تخبرنا "أتحلى بالصبر إضافة إلى أنني كنت يوماً ما مكان هذه الفتيات وبالتالي أعرف بما يُفكرن وما يمُرن به وما يخفنَ منه. الأمر أسهل عليّ".

وترى ممدوح أن أهم ما يوفّره تعلم قيادة السكوتر هو الحصول على وسيلة مواصلات مستقلة وغير مكلفة وتوفّر الكثير من الوقت في بلد الازدحام المروري.
وممدوح هي واحدة من مدرّبات عديدات انضممن إلى "دوسي". فتطلعنا منة "عدد مدربات السكوتر خمسة في القاهرة واثنتين في الإسكندرية. أما مدربات الدراجات، فثلاثة في القاهرة ومدربة واحدة في الإسكندرية".

وفي ما يتعلق بالمتدربات، عملية التواصل سهلة حيث يكفي زيارة موقع دوسي واختيار المدربة للخدمة وعدد الساعات المنشودة.
وهنا تكشف لنا نوران "حتى يومنا هذا، تم تدريب أكثر من 500 فتاة، سواء على السكوتر أو الدراجات، والعدد ما زال يزداد خاصةً في وقتنا الحالي". وتتابع "نجد اقبالاً على تعلم ركوب الدراجات الهوائية إذ تعتبر رياضة يمكن ممارستها في وقت الحظر".

وحتى لو أن الاهتمام بالدراجات صار أكبر الآن إلا أن السكوتر لديه زبائنه أيضاً. وهنا تقول نوران "لا يعتبر العدد كبير جداً لكن الأمر يختلف من محافظة إلى أخرى. فتنتشر في الإسكندرية قيادة السكوتر خلافاً للقاهرة". وتشرح لنا ان الأمر قائلة "الإسكندرية مثلاً محافظة أصغر من القاهرة، لذا تتمكن الفتيات من التنقل بالسكوتر فيها بشكل أسهل من السيارة. أما القاهرة، فهي أكبر وأغلب الناس ترى أنها بحاجة لوسيلة مواصلات كالسيارة لتتنقل بها".
وتتدخل منة هنا لتذكرنا أن أول أكاديمية لتعليم الفتيات قيادة السكوتر كانت قد أطلقتها سالي الجندي من الاسكندرية وهي حالياً تدرّب مع "دوسي" أيضاً.

فتيات وسيدات من كل الأعمار والطبقات يلجأن إلى "دوسي". اسراء علاء واحدة منهنّ. هذه الصيدلانية البالغة من العمر 28 سنة تخبرنا "أحببت تعلّم قيادة السكوتر منذ فترة إلا أنني لم ألقَ مكاناً أتدرب به وعندما اكتشفت "دوسي" اتخذت قرار التمرين لأشتري سكوتر وأتحرك وأتنقّل في القاهرة".
وتضيف أن ردة فعل الناس حولها كانت ايجابية بالإجمال حتى لو أن أهلها شعروا بالخوف عليها لأنها لا تملك الخبرة.

ردود فعل لم تكن دائماً ايجابية ومشجعة لنوران ومنة إذ إن البعض ينتقد الموضوع ويقول إن الفتاة لا يجب أن تقود سكوتر أو دراجة وهذا شيء غير مناسب لها وحتى أن هناك أشخاص يرون أن هذا حرام.

ومن جهة أخرى، تخبرنا نوران أن بعض الفتيات يجب أيضاً العمل على إقناعهنّ بقيادة السكوتر وأن ذلك لن يؤدي إلى المضايقات أو التحرش. وتشرح "موضوع التحرش أو المضايقات تتعرض له الفتاة في أي مكان، سواء كانت تمشي في الشارع أو في المواصلات العامة. لكن قيادة السكوتر أو الدراجات لا علاقة لها بزيادة الموضوع أو انخفاضه، وبالعكس هي وسيلة مواصلات خاصة يمكن أن تقلل احتكاكها مع الناس بالإضافة إلى أننا نجعل المدربة تعطي نصائح للمتدربة حول حماية نفسها في حال تعرضت لتحرش جسدي أو حتى لفظي".
وتتابع منة "أرى أن المجتمع يغيّر نظرته ومفاهيمه. ومع الوقت ومع وجود فتيات يقُدن السكوتر أو الدراجات، سيعتاد المجتمع على هذا المشهد وسيتقبّله".

تغييرات في نظرة المجتمع وإنما أيضاً تغييرات بحياة الفتيات اللواتي باستطاعتهن قيادة الدراجة أو السكوتر كهواية وإنما أيضاً كمصدر رزق جديد. وهنا تطلعنا منة عن أن دوسي تريد أن توفّر أكثر من منصة تعليمية لا بل أن توفّر أيضاً خدمة توصيل للأفراد أو حتى للطلبيات إلى المنازل.

ويبقى أن نوران ومنة تريدان تقديم فرصة لكل فتاة أو سيدة بتعلّم قيادة السكوتر أو الدراجة ليصبح الأمر عادة لا استثناءً. وتشدد توران "كل فتاة ترغب بتعلم قيادة السكوتر يجب أن تقوم بذلك وألّا تقلق من كلام الناس أو نظرة المجتمع لها. فهي تستطيع أن تغير هذه النظرة".

وتضيف "نحن لن ننتظر حتى يتغير المجتمع لنقوم بالأشياء التي نرغب بها، ويجب أن تأخذ الفتاة المبادرة وتبدأ بها كي لا تندم بعد ذلك لأنها فوتت الفرصة لفعل شيء كانت ترغب به". ولا يبقى على ك ل فتاة تهوى ذلك إلا أن تدوس!