القيادة والبروتوكول والإتيكيت/ 2

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٩/أغسطس/٢٠٢٠ ٢٠:٣٢ م
القيادة والبروتوكول والإتيكيت/ 2

سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق

يعتبر مثلث " القيادة، البروتوكول، والإتيكيت " يعتبر هدفًا ساميًا في المعنى المتكامل للشخصية التي تريد أن تبرز بكل احترام وتقدير وتنال رضا المقابل على المستوى الرسمي لكبار الشخصيات أو على المستوى العائلي الاجتماعي ، سواء كهرم الدولة أم وزير أم السلك الدبلوماسي والدرجات الخاصة وغيرها وكذلك على المستوى العائلي ، فكثير من رؤساء الجمهوريات المنتخبين يفتقدون إلى أبسط معالم وطرق الاستقبال والجلوس وطرق البروتوكول مع الوفود الأجنبية وكذلك إتيكيت التعامل الفردي مع الطاقم الرئاسي ، وإن كان قائدًا ناجحاً في أفكاره وأطروحاته ؛ لذلك فإن مثلث الحياة مهم لجميع شرائح المجتمع وخاصة كبار الشخصيات و السلك الدبلوماسي.
مقالنا اليوم وباختصار وتواضع سوف نتكلم فيه عن البروتوكول ومدى أهميته للقائد والإنسان المتميز في عمله أينما كان سواء مدير مدرسة أم رئيس جمعية تعاونية أم مسؤول علاقات عامة في وزارة معينة لأقل منصب إداري في هيئة حكومية أو أهلية ؛ لأنه يعكس صورة بلده في حالة وجود ضيف من داخل البلد أو من خارجه وكذلك يعكس مدى ثقافته واطلاعه وإدراكه بشؤون عمله اليومي.
وهناك عدة أنواع من البروتوكول منها / الدولي / الدبلوماسي / الإداري/ الاجتماعي لمختلف الهيئات والتشكيلات الأهلية والقطاع المختلط وخاصة الشركات الكبرى وكيفية التعامل مع رؤسائها التنفيذيين لكسب مزيد من الأستثمارات وهذا يعتمد على الشخص القائد أو المشرف لهذه المهمة.
إن البروتوكول والإتيكيت هما توأم لا يمكن الاستغناء عنهما في كافة الميادين والأوقات.
وفن البروتوكول هو مجموعة من القواعد أو التوجيهات التي تصدر من جهة عليا وصولًا لتحقيق هدف معين في أغلب الأحيان شفهية أو غير مكتوبة ، مستنداً إلى الاتفاقيات بين الطرفين، والتقيد بها لأنها مبنية على أسس علمية وعملية في نفس الوقت ، وهذا يعكس السلوك السليم اتجاه البروتوكول المتفق عليه بين الجانبين" هذا مايخص الاتفاقيات " .
أما البروتوكول الدبلوماسي في الحفلات والعشاء الرسمي بمستوى كبار الشخصيات فيقصد به ارتداء الزي الرسمي VIP وأغلب الأحيان يكتب في بطاقة الدعوة نوع الملابس وحتى اللون ، إن كان حفل عشاء يكتب برتوكولياً بعض التوجهيات ومنها يسمح بحمل الأوسمة والنياشين ، لذلك دائما يعمم على البروتوكول بأنه يتعلق بالإجراءات والتنظيم ، على أن يكون الشخص في أعلى درجات التهذيب واللطف والمعرفة الكاملة بقيمة الوقت في الحضور والانصراف وخاصة أن يكون ضمن جدول مستواه الوظيفي فلا يمكن لرئيس قسم أن يحضر متأخرًا بعد حضور المدراء العموم أو وكيل الوزير وصعودًا، وكذلك بالنسبة للسلك الدبلوماسي فلا يمكن إطلاقا أن يدخل الملحق الدبلوماسي أو السكرتير الثاني بعد السفير أو راعي الحفل ، لذلك بروتوكوليًا تحضر الدرجات الدنيا قبل كبار الشخصيات وصعودًا ، وعليه فإن البروتوكول يقتضي الحضور والتقيد بجدول الحضور والأنصراف ومكان الجلوس وإظهار الأحترام لجميع الحضور والأبتعاد عن التطرق إلى المواضيع الدينية والمذهبية والتطرف الديني والسياسي أو الانتقاد لأي سبب كان، ومراعاة الترتيب الزمني (حسب الأقدمية أو العمر) للدبلوماسيين عند تنظيمهم في حفل استقبال أو توديع السفير أو العيد الوطني لدولتهم.
وهذه الإجراءات كلها من اختصاص دائرة المراسم في وزارة الخارجية أو الديوان الملكي أو الرئاسي أو السلطاني أو ما يخص هرم الدولة ، وتختلف الجهة التى تهتم بتطبيق قواعد البروتوكول حسب كل دولة و لكن تشترك في برنامج الزياره للوفود الرسمية الزائرة من حيث التنظيم و الإعداد و يشمل ذلك الرؤساء و الشخصيات رفيعة المستوى، استقبال الوفود على مختلف مستوياتهم والسفراء ، وكذلك التوديع ، وتنظيم والإشراف على المؤتمرات والأنشطة التي يشترك بها كبار المسؤولين، تجهيز وكتابة قائمة بكافة أسماء كبار الشخصيات والسلك الدبلوماسي وحسب الأولوية لإشراكهم في أي أنشطة رسمية أو غير رسمية.
وكثيرًا ما يعتمد السلك الدبلوماسي على البروتوكولات سواء في الاستقبال أم حضور نشاط معين ويطلب جدول الأنشطة وقائمة الحضور وراعي الحفل؛ لأن فيها مدولولات كثيرة وكبيرة وعليه أيضا أخذ الموافقة من وزارة خارجيته لحضور هذا النشاط أو لا ؛ لذلك نقول بأن البروتوكول هو" مجموعة من الإجراءات والسلوك السليم عكس الإتيكيت الذي هو سلوك شخصي وفردي لا يمت بأي صلة بمجموعة الإجراءات وأصول الدبلوماسية."
البروتوكول فن من فنون إدارة الحياة العامة بكل تفرعاتها وجوانبها المختلفة ولايمكن لدبلوماسي بصورة خاصة أو الإنسان العادي أن يتميز في إدارة جدول أعماله اليومي مهما كان منصبه الوظيفي مع حلقات المنصب القيادي ، سواء في الأسرة وهي أصغر نواة للمجتمع إلى مؤسسات هرم الدولة ، لذلك عليه أن ينجح في تنسيق وترتيب علاقاته حسب الأولوية ويمارس قواعد البروتوكول الصحيح لكي ينجح في حياته اليومية، فعلى سبيل المثال وفي واقع الأسرة لايمكن أن يدعو الصغار والأصدقاء على مأدبة إفطار وبعدها يدعو الكبار من أعمامه أو أخواله ؛ لأن ذلك يعتبر من تقليل الشأن وعدم الاحترام ضمن القواعد الأدبية والاجتماعية والعشائرية وهذا مايسمى بالبرتوكول الأجتماعي..
البروتوكول بصورة دقيقة ينظم سلوك الآخرين أمام الشخص عكس الإتيكيت الذي ينظم سلوك الشخص أمام الآخرين ، وكما قلت سابقا هما تؤام في كل التعاملات والحضور الرسمي أو الشخصي والإتيكيت يميل إلى الخصوصيات وهو شيء اختياري عليه إظهار السلوك الحسن والبالغ التهذيب بين جميع الأفراد ، وكذلك هو القواعد غير المكتوبة وهي أقرب إلى حس وذوق وثقافة وبيئة الفرد بما يجعله يتصرف بشكل لائق في الأنشطة العامة والخاصة ، وسوف نتطرق إلى ذلك في المقال القادم ،بينما البرتوكول يميل إلى الرسميات وهو إلزامي تفرضه أصول التعامل بين الدول وممثليها وسفرائها في السلك الدبلوماسي حسب اتفاقية فيينا عام 1961وبعدها ينطبق على مستوى نظام الدولة في المؤتمرات والأنشطة الرسمية لهيكل الدولة لأنه يمثل قواعد المعاملات بين مختلف شرائح المجتمع وجهد كبير يستهدف التوفيق بين أركانها للوصول ألى أفضل النتائج وهي بالحقيقة تمثل سمة نجاح أو فشل المؤسسة أو من يمثلها ، ودائما نقول في السلك الدبلوماسي ( السفارة بسفيرها) أي بمعنى " إن كان السفير مهنيا وذا خبرة متراكمة في الخدمة الدبلوماسية فإنه سوف يكون قائدأً ناجحاً ضمن الصفتين ( القيادة والبروتوكول ) ويعكس صورة براقة وعصرية لبلده وموظفيه الذين سوف يكون لهم نعم الأب والقائد والسفير".