نحو التعافي ، لكن بحذر شديد

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٢/أغسطس/٢٠٢٠ ٢٠:٠٩ م
نحو التعافي ، لكن بحذر شديد

بقلم: محمد رامس الرواس

" عندما نحذر قد نخطي ، ولكن لا ننخدع "
الفيلسوف جوزيبي مازيني

قبل ايام طالعت تغريده بالتوتير تقول نتفاءل ونتعايش ولكن " بحذر ، بحذر" ولقد كان لهاتان الكلمتان وقع في نفسي ، استعدت من خلالها ما قرأته عن تجارب العديد من الدول التي تجاوزت مرحلة الذروة لوباء كورونا ثم اصيبت بانتكاسات صحية بسبب عدم أخذها بأسباب الحيطة والحذر ، فبعد ان تجاوزا موجة الخطر لتفشي فايروس كورونا تركوا الاخذ بالحذر والمحاذير التي كانت يتبعونها وانتقلوا بسرعة لمرحلة ما بعد الذروة دون قيود ودون خطة صحية ، مما أفقدهم السيطرة مجدداً على انتشار الفايروس (كوفيد 19) ، فاستشرى مرة أخرى بين الناس الذين بدورهم كانوا قد ظنوا انهم قد تجاوزا الأزمة ، فليس أسوء من أن تعتقد أنك تتحسن ثم تصاب بانتكاسة مباغته وهو الجزء الاصعب في مراحل تفشي الفايروس ، وهذه موجه لا نحبذ بلا شك أن نخوضها لأنها مؤلمة للغاية وكذلك مكلفة سواء للمريض أو للدولة .
لقد جلب وباء كورونا كوفيد19 للعالم معاناة إنسانية مريرة ، اصيبت بها الدول والبلدان شرقاً وغرباً ، وتكبدت خلالها تكاليف في الارواح والاقتصاد والبعض منها دفع فاتورة باهضه جداً ، وما اصاب العالم اصاب سلطنتنا الحبيبة ، واليوم تشير التقارير والبيانات الصحية والمؤشرات لدينا اننا في مرحلة ما بعد الذروة ولله الحمد وهي مرحلة يتباطأ فيها انتشار الفايروس ويأخذ طريقه الى التقلص والزوال بإذن الله ، وبرغم إن هذه المؤشرات مطمئنة لعودة الحياة الى طبيعتها لكننا يجب الا ننخدع ونترك المحاذير التي وضعتها اللجنة العليا لمتابعة كورونا ، فان هناك مخاطر كامنة لا يمكن التنبؤ بها في قادم الوقت جراء الانتقال بدون خطة ومحاذير، وبانتقالنا الى هذه التشافي فأننا نحتاج المزيد من الحذر ، فلقد وقعت بعض الدول بمطبات لم تحسب لها جراء ترك الحذر في مرحلة ما بعد الذروة فتكبدوا معاناة وخسائر اثقلت كواهلهم ووضعتهم في مواقف صحية خطرة لا تحمد عقباها ...
لا شك أن اللجنة العليا لمتابعة كورونا لديها من الخطط والمحاذير خلال المرحلة الحالية والمقبلة ستعلن عنها ، نظرا لاطلاعها على تجارب الدول التي مرت بمرحلة ما بعد الذروة حيث أن الجهود من الجميع تحتاج لمزيد من التنسيق والمتابعة والتخطيط في قادم الوقت تفادياً لأية مخاطر واجراءات غير محسوبة لا سمح الله .
كيف الحذر؟ أن الاحتراز المتواصل والتنبه لعدم حصول موجة جديدة بعد الذروة هو الحذر بعينه ، فأعداد الاصابات بفضل الله حالياً يقل ويتم السيطرة عليه ، ولكي لا نفقد الاتزان ونفقد السيطرة لا يجب أن نغير استراتيجيتنا الحالية ، عدا التخفيف البطي بكافة قطاعات الدولة ، فاليوم نحن احوج ما نكون لخطة صحية واضحة ومنشورة ومعلنة للجميع ، حيث ان ما نمر به بالسلطنة قد تم كما ذكرت سالفاً بالعديد من البلدان ووصولها الى مرحلة ما بعد الذروة ، ولكنها اصيبت بتفشي جديد غير متوقع جراء تركها المحاذير التي كانت تتبعها وانتقلت بسرعة الى اجراءات جديدة وبدون محاذير واضحة ومعلنة ، مما يؤكد لنا أنه بدون الحذر الشديد لا يمكن أن ننجح في مرحلة ما بعد الذروة ، فالإبقاء على الإجراءات الوقاية والالتزام بها كالتباعد الاجتماعي ومحدودية التنقل بين الأسر ومراقبة التنقل بين المحافظات والولايات ، وانفاذ القانون أمر لا محالة يخدم المرحلة الحالية والقادمة .
حفظ الله عمان وحفظ لنا السلطان هيثم بن طارق ايده الله ، ووفق اللجنة العليا في أعمالها، ووفق وزارة الصحة والمؤسسات الصحية لما فيه خير البلاد والعباد ، وجنبنا سبحانه وتعالي الجذام وسيئ الاسقام .