تقرير «أوبار كابيتال» عن موازنة السلطنة للعام الجاري: إجراءات واقعية وترشيد في الإنفاق لتنويع الاقتصاد

مؤشر الأحد ١٥/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
تقرير «أوبار كابيتال» عن موازنة السلطنة للعام الجاري:

إجراءات واقعية وترشيد في الإنفاق لتنويع الاقتصاد

مسقط
أوضح تقرير «أوبار كابيتال» عن موازنة السلطنة للعام الجاري أن السلطنة استمرت في منهجيتها الرامية للمزيد من التطور والتحول نحو المزيد من الفعالية وذلك بإعلانها موازنة أكثر تفصيلاً وشفافية ووضوحاً، مقارنة مع السنوات السابقة. وقد احتوت موازنة 2017 على عدد من الإجراءات الواقعية والترشيد في الإنفاق بهدف حماية الاقتصاد من سيطرة النفط ودفعه نحو التنويع والمزيد من المصادر غير النفطية إضافة إلى تحسين الآليات ورفع معدلات التحصيل وفرض ضرائب/‏‏رسوم إضافية والتركيز على الوصول إلى اقتصاد مستدام. ومن الأمثلة عن الإجراءات المعلنة في الموازنة محدودية التوظيف في القطاعات العامة والحكومية ومراجعة الدعم وخصخصة المزيد من الأصول الحكومية والإنفاق على المشاريع الضرورية وتعديل الرسوم والخدمات والضرائب إلى غير ذلك.

الإيرادات

تتوقع حكومة السلطنة أن تبلغ إيرادات العام 2017 طبقاً للموازنة 8.7 بليون ر.ع.، أي أعلى بنسبة 1.16% مقارنة مع الإيرادات المقدرة للعام السابق و18.4% مقارنة مع الإيرادات الفعلية لعام 2016. شكل صافي إيرادات النفط نسبة 51 % تلاه إيرادات غير النفط والغاز بنسبة 29.8% ومن ثم إيرادات الغاز بنسبة 19.1%. وقد بلغ صافي إيرادات النفط 4.45 بليون ر.ع. في موازنة العام 2017 أقل بنسبة 2.4 % من المقدرة لعام 2016 التي كانت عند 4.56 بليون ر.ع. وجاء هذا الانخفاض بسبب التزام السلطنة بالتخفيض المقرر على إنتاج النفط وفقاً لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حيث وافقت السلطنة على خفض الإنتاج بـ45 ألف برميل يومياً والذي عند تطبيقه مثلاً على إنتاج شهر نوفمبر من العام 2016 الذي بلغ 1.014 مليون برميل، فإنه يصبح 0.97 مليون برميل. وطبقاً لبيان الموازنة في احتساب سعر النفط، فإن السعر الذي بنيت عليه الإيرادات النفطية هو 45 دولاراً أمريكياً للبرميل وهو سعر تحفظي قليل بنظرنا كون أن العديد من المؤسسات ووكالات النفط العالمية والهيئات الاقتصادية قد توقعت أن يسجل سعر النفط أداء أفضل خلال العام 2017.

إيرادات الغاز

تم تقدير إيرادات الغاز في موازنة 2017 عند 1.66 بليون ر.ع. بارتفاع سنوي نسبته 4.4 % مقارنة مع 1.59 بليون ر.ع. لعام 2016. وتعتبر هذه الإيرادات المقدرة الأعلى على الإطلاق. ورغم أن السلطنة دأبت على تطوير حقول الغاز لديها إلا أن هذه المرة ستشهد الحقول انضمام حقل خزان مكارم الإستراتيجي في الربع الأخير من العام 2017. ويتوقع أن تنتج المرحلة الأولى من الحقل بليون قدم مكعبة من الغاز يومياً على أن يصل إنتاج الحقل من المرحلة والأولى والثانية 1.5 بليون قدم مكعبة من الغاز يومياً. بناءً على ما سبق، نرى بأن إيرادات الغاز لعام 2018 ستكون أفضل بسبب احتساب إيرادات الحقل خلال العام بأكمله.

الإيرادات غير النفطية

بلغت الإيرادات غير النفطية المقدرة في موازنة العام الجاري 2.59 بليون ر.ع. مقارنة مع 2.45 بليون ر.ع. إيرادات غير نفطية مقدرة في العام 2016 أي بارتفاع نسبته 5.7 %. إن الرؤية الإستراتيجية للسلطنة شديدة الوضوح في هذا الموضوع ألا وهي التوسع في مصادر الدخل غير النفطي. وطبقاً لوزارة المالية فإن الحكومة تعتزم اتخاذ سلسلة من الخطوات لدعم الإيرادات غير النفطية بما في ذلك تعديل قانون ضريبة الدخل وتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع الخاصة كالتبغ والكحول وتعديل رسوم إصدار تراخيـص استقدام العمال الأجانب إضافة إلى الحد من الإعفاءات الضريبية للشركات والمؤسسات ورفع أسعار الكهرباء للمستهلكين التجاريين الكبار وتعديل بعض الرسوم الخدمية المقدمة من الوزارات والجهات الحكومية. كذلك بدأ تطبيق نسبة 12 % كأتاوة على شركات الاتصالات منذ بداية العام الجاري بدلاً من نسبة 7 % سابقاً، الأمر الذي سينتج عنه المزيد من الدعم للإيرادات غير النفطية.

طرق دعم الإيرادات غير النفطية

تطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع الخاصة وتعديل رسوم إصدار تراخيـص استقدام العمال غير العُمانيين والرسوم على الشركات الموظفة للأجانب. إضافة إلى تعديل بعض الرسوم الخدمية للخدمات التي تقدمها شرطة عُمان السلطانية وكذلك الحد من الإعفاءات الضريبية للشركات والمؤسسات وتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية إضافة إلى تطبيق التعرفة المعدلة لكبار مستهلكي الكهرباء للاستخدامات التجارية والصناعية والحكومية وتطبيق الرسوم الخدمية الموحدة للخدمات البلدية.

الشراكة بين القطاعين

العام والخاص

شهد العام 2016 بدء الحكومة في تنفيذ برنامج الخصخصة كما حددتها الأطر الموضوعة للفترة المحددة (2016 – 2020)، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى بتأسيس شركة قابضة لكل قطاع ونقل حصص الحكومة في الشركات المحلية والخارجية إلى الشركات القابضة، كما تم تحويل ملكية بعض الشركات إلى الصناديق السيادية تمهيداً لخصخصتها. كذلك تسعى الحكومة لبيع عدد من الأصول التابعة لها بخاصة تلك التي تكلِّف الخزانة العامة للدولة عبئاً بسبب ارتفاع كلف صيانتها أو تشغيلها. نعتقد أن هذا التوجه سيشهد حيزاً متزايداً من الاهتمام خلال الأيام المقبلة كون أنها الأداة الأساسية التي يتم من خلالها توسيع ملكية القطاع الخاص وزيادة عمق سوق الأوراق المالية.

الإنفاق

بلغ الإنفاق العام في الموازنة 11.7 بليون ر.ع. بتراجع طفيف نسبته 1.7 % مقارنة مع المقدر لعام 2016 و7.5 % أقل من الإنفاق الفعلي الذي بلغ 12.65 بليون ر.ع. إن التوجه العام للإنفاق خلال هذا العام يأتي ضمن ذات الإطار الذي تم تبنّيه خلال العامين الفائتين والهادف إلى عقلنة الإنفاق وتحسين الكفاءة وإبقاء الإنفاق العام ضمن المستويات المبررة. وتوجهت الحكومة نحو البرامج الاقتصادية البناءة مثل مشروع البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ» الذي لاقت مقترحاته للخطة الخمسية الأخيرة ترحيباً واضحاً في موازنة العام 2017 والسلطنة ملتزمة بتقديم الدعم الضروري لإنجاز هذه المقترحات بهدف تحسين المناخ الاستثماري في السلطنة عن طريق تحسين التنويع الاقتصادي.

العجز

تتوقع الحكومة طبقاً لأرقام الموازنة أن يسجل العجز مبلغ 3 بلايين ر.ع. لعام 2017 بانخفاض نسبته 9 % و43.4 % من الأرقام المقدرة والفعلية لعام 2016 على التوالي. سيتم تمويل العجز عن طريق صافي الاقتراض الخارجي بمبلغ 2.1 بليون ر.ع. وصافي الاقتراض المحلي بمبلغ 400 مليون ر.ع. والبقية عن طريق السحب من الاحتياطات بمبلغ 500 مليون ر.ع.
تاريخياً، تجاوزت مستويات الإنفاق الفعلي الأرقام المقدرة للسنوات 2008 – 2016. إلا أننا نعتقد بأن الإنفاق الفعلي لعام 2017 سيكون عند مستويات قريبة من الأرقام المقدرة له على افتراض مشاركة ومساهمة فعالة من القطاع الخاص وإيرادات غير النفطية أفضل ومتوسط سعري أعلى للنفط خلال العام.

النتيجة والرؤية

لقد تم إعداد وصياغة الموازنة بطريقة عملية وحذقة، حيث إن الوصول إلى الاستدامة المالية والحد من المخاطر المحتملة هو في صلب الأهداف الرئيسية التي تسعى الميزانية لتحقيقها. نتوقع أن يسجل الناتج الإجمالي المحلي والإيرادات أداءً أفضل خلال هذا العام، آخذين بعين الاعتبار التحسّن الذي يحدث على أسعار النفط بفضل اتفاقية أعضاء منظمة أوبك والأعضاء من خارج المنظمة على تخفيض إنتاج النفط وهو ما نراه حالياً على مستويات الأسعار التي هي أفضل من المقدرة في الموازنة.
وفيما يتعلق بالتضخم، فطبقاً لبيان الموازنة، ظل التضخم في السلطنة عند مستوى متدنٍ خلال العام 2016 بما يعادل 1.58 %، ومن المتوقع ألا يتجاوز 2.8 % خلال العام 2017. من المتوقع أن يبقى سعر الصرف مستقراً طالما تستطيع الحكومة إدارة ميزان المدفوعات لديها بشكل فعّال ومن خلال استغلال ناجح لمصادر التمويل.