11 رحلة بين مصر وظفار أولها في عهد خوفو الأكبر

مؤشر الأحد ٠٤/فبراير/٢٠١٨ ٢٢:٥٩ م
11 رحلة بين مصر وظفار أولها في عهد خوفو الأكبر

محمد محمود عثمان

سلطنة عمان هي الدولة العربية الوحيدة التي كانت لها نظرة ثاقبة في أعقاب الزيارة التاريخية للرئيس السادات للقدس في عام 1977، والذي صاحبها جدل عربي كبير، بعد توقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التي نجم عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، بينما سلطنة عمان ببصيرتها بعيدة المدى وعمق علاقاتها مع مصر، كانت هي الدولة العربية التي لم تتخل عن مصر بغض النظر عما حدث، واستمرت العلاقة كاملة بينهما في السياسة والثقافة والاقتصاد، في سياق عمق العلاقات بين الدولتين والبعد التاريخي لها، والتميز بخصوصية قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل بين البلدين، على الرغم من التأثيرات البيئية والإقليمية المحيطة، وساعد على ذلك أن العلاقات العمانية- المصرية، ليست بالعلاقات الحديثة ولكنها علاقات ضاربة في جذور التاريخ القديم إلى ما قبل 3500 سنة، فهناك علاقات اقتصادية أدت إلى تشابكات تجارية واقتصادية واسعة.

ظفار في الآثار المصرية
وقد سجلت النصوص الفرعونية إحدى عشرة رحلة بين مصر وظفار أولها في 2590 ق.م في زمن خوفو الأكبر وآخرها في 1160 ق.م في زمن رمسيس الثالث، كما ظهرت صور لأشخاص ‏من ظفار بين آثار مصر تعود إلى 3400 ق.م، وتدل الآثار على أن بلاد إرم وبونت التي ‏وردت في نقوش الدير البحري للملكة حتشبسوت في 1400 ق.م، هي لمنطقة ظفار جنوب عمان التي تسمى محافظة ظفار الآن، حيث البخور واللبان الذي ‏احتاجت المعابد المصرية لكميات كبيرة منهما، وتؤكد صور الجبال ‏وأشجار اللبان ذلك، وقد ازدهرت تلك العلاقات خلال الألف الثانية ق.م لاسيما في زمن الأسرة الثامنة عشرة، والتي بدأت ‏تستورد عبر ظفار البخور والتوابل واللبان والصمغ والأخشاب، والنحاس ‏رغم توافره في سيناء.

خامات نحاس عمان
إلا أن احتياجات المصريين وجودة خامات نحاس عمان أدت إلى استيراد ‏كميات منه، ثم تطورت العلاقات الاقتصادية مع مرور الزمن وبعد قيام سلطنة عمان الحديثة في عام 1970 بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه-، حيث تشكل الاستثمارات العمانية جزءا أساسيا ومهما من الاستثمارات الخليجية والعربية في مصر، وهناك تعاون كبير بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين، انعكس في تدفق الاستثمارات العمانية علي مصر وعلى تنشيط أعمال الشركات المصرية بمختلف تخصصاتها في عمان، بالإضافة إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وسلطنة عمان ارتفع من 162 مليونًا و215 ألف دولار إلى 247 مليونا و749 ألف دولار خلال العام الفائت، بزيادة قدرها 85 مليونا و534 ألف دولار.
وفي مجال الاستثمار هناك عدد من الشركات المصرية الكبيرة التي تقوم بمشروعات ضخمة في عمان في مجالات البنية الأساسية ومشروعات الطرق والصرف الصحي والاستثمار العقاري السياحي مثل شركة بتروجيت وشركة المقاولات المصرية وشركة المقاولين العرب، ويبلغ عدد الشركات المصرية في عمان 142 شركة مصرية برأس مال يبلغ حوالي 194.681 مليون دولار أمريكي، ونسبة الشراكة المصرية بها حوالي 13%، وتعمل تلك الشركات بمجالات التجارة العامة والمقاولات، التمويل والأوراق المالية، استشارات هندسية وتصاميم، تنمية سياحية، التأمين، خدمات تعليمية، كما وقعت السلطنة ومصر العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والفنية واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات، وإنشاء مجلس أعمال مصري عماني، وبرنامج عمل للتعاون السياحي، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، إلى جانب العديد من مذكرات التفاهم في المجال الزراعي والبيئي، وبين سوق مسقط للأوراق المالية وبورصتي القاهرة والإسكندرية، مما يؤكد على أن الصلات الوثيقة بين البلدين تمتد من عهد قدماء المصريين منذ فجر التاريخ إلى الآن، وأن اللقاءات بين المسؤولين في السلطنة ومصر تستثمر هذه العلاقات المتميزة في المزيد من الاستثمارات والتجارة البينية، والاستفادة من القدرة الشرائية العالية التي يتمتع بها السوق العماني، ومن موقع عمان الاستراتيجي للنفاذ إلى الأسواق المجاورة، حيث توجد الكثير من القوانين المشجعة للمستثمرين ورجال الأعمال للاستفادة من الفرص التجارية في السلطنة ذات العائد الاقتصادي لاسيما بعد تحول مناخها الاستثماري إلى بيئة تنافسية جاذبة من خلال توقيعها اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية مما يفتح المجال أمام المنتجات المصرية نحو السوق العماني والسوق الأمريكي في الوقت نفسه، وكذلك تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى والاستفادة من السوق المصري الذي يعتبر إحدى المحطّات المهمة التي يمكن من خلالها إعادة التصدير للبلدان الأفريقية المجاورة، حتى يمكن أن يصل مستوى حجم التبادلات التجارية والأنشطة الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية القائمة بين قيادة البلدين الشقيقين.