الثورة الصناعية والاستعداد لها!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٠/مايو/٢٠١٨ ٠٨:٤٩ ص
الثورة الصناعية والاستعداد لها!

علي بن راشد المطاعني

هل نحن مستعدون للترحيب بالثورة الصناعية الرابعة، هذا السؤال طرحته الأمسية الاقتصادية التي نظمتها الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وتنمية الصادرات في أولى أمسياتها الاقتصادية الهادفة إلى إذكاء المعرفة وإثراء الأفكار بالتطورات الجديدة في العالم وكيفية تعاطينا معها بالكيفية التي تجعلنا جزءاً لا يتجزأ منها.

لا شك أن الثورة الصناعية الرابعة تتبلور في الكثير من مجالات العمل وسوف تحدث تغييراً كبيراً في الأنماط الاجتماعية والسلوكيات والممارسات الحياتية بحيث تنزوي العضلات أمام الآلات، ويهيمن الذكاء الصناعي على الذكاء البشري، ويتم الاستغناء عن وظائف بعد سيطرة (الروبوت) على الموقف، فالدراسات تشير إلى أن 50% من الأعمال سينجزها هذا الروبوت قليل التكلفة، وذلك سيؤدي لتوفير الأجور بمقدار 16 تريليون دولار.
جهود السلطنة على المستويات الرسمية ماضية في إحلال الثورة الصناعية الرابعة في جهاتنا ومؤسساتنا، وإن كانت بوتيرة أقل مما يجب أن تكون عليه، وكذلك التعليم والبحث العلمي أيضاً ماض في خطوات تشجيع الذكاء الاصطناعي والابتكار في المدارس والجامعات والكليات، فهناك جهود تبذل على العديد من المستويات لتأكيد وتعضيد هذا الاتجاه، وليس هناك ما يمنع من إعطاء دفعة أكبر في هذا المجال بشكل يتواكب مع سرعة التطورات التي تمثلها هذه التقنيات الحديثة في العالم، وإحلالها القسري بشكل يتوافق مع متطلباتنا وتهيئة الكوادر الوطنية لاستيعاب صدمة هذه الثورة الصناعية الرابعة وصويحباتها المتمثلة في الاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني وهو المعني بحماية المعلومات وإقامة الجدر النارية القادرة على صد أي اختراقات محتملة للمواقع والخوادم الخاصة بالجهات والمؤسسات.
لقد ناقشت الأمسية العديد من الجوانب المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، ومنها الجوانب التشريعية التي تأخذ اهتماماً أكبر على ما يبدو لدينا لأخذ الاحتياطيات اللازمة لحماية أنفسنا من التأثيرات السلبية المحتملة.
ولعل الطرح الآخر الذي استحوذ على نقاش واسع هو مدى توافق المخرجات الأكاديمية والتعليمية مع الموجهات التي تفرضها هذه الثورة، وكيفية تأقلم الواقع الاقتصادي وديناميكيته في التناغم مع هذا الفتح الجديد خاصة في القطاع الصناعي المستهدف بالثورة أكثر من غيره.
القناعات التي خرج بها المشاركون في الأمسية وأيضا الحضور تصب في إمكانية استفادة السلطنة من الثورة الصناعية، وأن هناك الكثير من البوادر التي تشير إلى بدء الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة وإحلالها في العديد من مفاصل الدولة كتقنية البلوك تشين وإحلال التقنيات الحديثة وتسخير الذكاء الاصطناعي، وابتكار العديد من التطبيقات التي تسهم في إحلال التكنولوجيا كأمر واقع وحتمي بدلا من النمط التقليدي.
بالطبع الطريق طويل للوصول إلى كل جزئيات ومفاصل الثورة الصناعية وتقنياتها الحديثة، وذلك يستلزم منا جميعاً العمل على إحداث تحول جذري أو ثورة موازية في النظم والمناهج التعليمية والدراسية وإحلال التقنيات الحديثة بالمدارس والجامعات وتوظيفها لحفز الطلاب على استخدام الأفضل، وتهيئة مؤسساتنا لهذه التطورات والعمل على تغيير العقليات وتهيئتها للتعاطي مع المستجدات الحديثة عبر المزيد من التفاعل الإيجابي بدلاً من الاعتراض والتذمر، فهذه التقنيات قادمة لا محالة ولا سبيل لإيقافها، وبالتالي من الأفضل أن نكون جزءاً فاعلاً منها وفيها.