ذِكْرى سّيد المُرسلين

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٨/أكتوبر/٢٠٢٠ ٠٨:٥٩ ص
ذِكْرى سّيد المُرسلين

مسقط - الشبيبة 

بقلم: محمد الرواس

وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ

الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ

وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ

•احمد شوقي

إن حكاية مولده - عليه أفضل الصلاة واجل التسليم - حكاية قدسية نورانية تتجلى فيها سِيرة عطرة مباركة لأعظم مخلوق خلقه الله بالوجود، ما استمع اليها مُسلم إلا زادته عمقاً إيمانياً ، ولا اقْتَفى آثارها مؤمن إلا سعُد في الدنيا والآخرة...

كل يوم خميس بعد صلاة المغرب (قبل حدوث «ازمة وباء كورونا») كنا نجلس بالمسجد من بعد صلاة المغرب الى وقت صلاة العشاء تتشرف أذاننا بالاستماع ، وألسنتنا بقَراءة سَيْرة المصطفى عليه الصلاة والسلام ( المولد الشريف) فمنذ أن كنا صغاراً كانت صلوات المصلين ، وموشَّحاتهم الجميلة تصدح بالصلاة والسلام بالمساجد، وتردد سيرته العطرة كل يوم اثنين وخميس، فكنا نجلس ونستمع الى سرد سيْرته المباركة، ولكن لا نشارك بالقراءة بحكم اعمارنا الصغيرة ، لكن قلوبنا كانت تتابع وتستمع بكل شغف فترسخت بقلوبنا واذهاننا شمائله، وامتلأت نفوسنا بمحبته - صلى الله عليه وسلم - على مر الأيام والشهور السنين .

واليوم ونحن نحتفل بمناسبة المناسبات ، ذكرى مولد الرسول - عليه أفضل الصلاة والتسليم - ، هذا اليوم المبارك الذي ولد فيه سيد الكائنات ، افتقدنا هذه المجالس الطيبة وما كان يردده القراء من سيرته العطرة وما يصدح به المنشدون من ذكر جمال شمائله وصفاته الخُلقية والخِلقية العظيمة ، التي كانت يتردد صداها خاصة في شهر ربيع الأول بالمساجد والمنازل حيث يجتمع الناس لقراءة السيرة العطرة ، هذه الصلوات الكثيرة التي كانت تهدي للمصطفى باقات تلو الباقات من الصلوات والتسليمات التي لا تنقطع طوال الشهر الفضيل ، كانت هناك منازل وبيوت مباركة عامرة تتعطر انفاس سكانها وضيوفها بقراءة السيرة الشريفة (المولد) ، فنسأل الله تعالى ان يردنا الى مساجدنا ذاكرين له آمنين ومعظمين لشأنه - عزوجل - ولشأن نبيه - عليه اشرف الصلاة والتسليم- انه سميع قريب مجيب.

لقد تشرف شهر ربيع الأول بأن ميزه الله وجعله من أفضل الشهور المباركة وخصه بولادة نور الأنوار - عليه أفضل الصلاة والسلام - كما تشرفت يوم الاثنين ببركة ولادته ، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال «ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي» فأضحى شهر ربيع الأول شهر الرحمة للبشرية جمعاء ، حين أذِن الله بولادة المصطفى -عليه الصلاة والسلام -الذي أنْقَذ به أهل الارض من الضلالة الى الهدى ، ومن الجهل الي النور، فارتفع صوت الحق مجدداً في اصقاع الدنيا ، ولقد سعُدت بولادته الكائنات ، واستبشر بوجوده اهل الارض والسماوات ، فانطفأت نيران الشرك بفارس ، وتهدم بنيان الظلم بالروم ، وظهرت بشارات كونية تلقاها الوجود بالترحيب والتهليل ، كيف لا وهذا سيد الثقلين تتبارك الارض بولادته فهو المؤتمن - صلاة ربي وسلامه عليه - بأفضل رسالة ، وأفضل هداية الى صراط الله المستقيم.

بمجرد ولادته - صل الله عليه وسلم - حدث إتصال رباني مخصوص من لدن المولى عزوجل، وعين رعايته سبحانه وتعالى غمرت الأرض ، فهنــــاك نور من لدنه أَشْرقَ وأضاء الدنيا ، فلقــد كانت ولادة النبي -عليه الصلاة والسلام - بمثابة فرح غمر الكون اجمع في عام الفِيل ، إن الاقلام والحروف مهما دَوَّنت وكتبت عن بركة ولادته - صل الله عليه وسلم - لم تكن لتوفَيه حقه ، وستقصُر عن تدوَّين ما افاده العلم من بركات وِلادة سيد المرسليـــن ، فما بالكم بسرد سيْرته العظيمـــة ، تلك السيْرة والرحلة التي قدم خلالها - صلــوات ربي وسلامه عليه -أعظم التضحيــات ، بدءاً من نشأته المباركة وتيتمه، ثم دعوته بمكة ومعاناته ، وبعد ذلك هِجْرته الى المدينة المنورة وما صاحبها من اهوال ، حتى جاء الوقت فنشر رسالته السماوية للعالم اجمع ، فارسل الرسائل الى ملوك الارض حينها ولقد شُرفت أرض عُمان (ارض الخيرات) بأن تلقّت واحدة من هذه الرسائل المحمدية فتقبلتها بالتكريم والتعظيم فحظيت بدعوة مباركة من الرسول - عليه الصلاة والسلام -.

طوبى لمن تعلق قلبه بسيد الانام - عليه أفضل الصلاة والسلام - وتوثقت محبتَة بفؤاده وبسِيرته المباركة ، فكَثرَت صلاته وسلامه ، ولقد كانت ولا زالت سيِرته وشمائله الخُلقية والخِلقية ، مثل المطر الذي ينُبت بالقلوب ازهاراً فتتعطر أرواح المحبين بعطر الصلاة والسلام على سيد المرسلين - عليه أفضل الصلاة وازكى التسليم -.