تمكين الدول شيخوخة السكان

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٣/نوفمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٣٩ ص
تمكين الدول شيخوخة السكان

محمد بن محفوظ العارضي

لقد ارتفع المتوسط المتوقع لأعمار الشعوب بشكل ملحوظ خلال العقود الفائتة بسبب التقدم الهائل في مجال العلوم والطب الحديث. ووفقاً للبنك الدولي، شهدت سلطنة عُمان ارتفاعاً كبيراً من متوسط 42.67 عاماً في سنة 1960 إلى متوسط 77.39 عاماً في سنة 2017. وسجلت اليابان ارتفاعاً في متوسط العمر المتوقع من 67.67 عاماً إلى 84.10 عاماً في ذات الفترة الزمنية.

ودون أي شك، يعد ذلك إنجازاً رائعاً للإنسانية في القرن الحادي والعشرين. لكن يجب الأخذ في الاعتبار بعض الحقائق والأرقام الأخرى لفهم حجم التأثير الكامل الذي قد يحدثه ارتفاع متوسط العمر المتوقع على المجتمع ككل.

وإلى جانب الارتفاع في متوسط الأعمار، فإننا نشهد أيضاً على الطرف الآخر من المعادلة انخفاضاً حاداً في معدلات الولادة في جميع أنحاء العالم. فقد شهدت سلطنة عُمان انخفاضاً من متوسط 7.25 مولوداً لكل امرأة سنة 1960 إلى متوسط 2.92 مولوداً في سنة 2017، وذلك بحسب البنك الدولي، كما شهدت اليابان انخفاضاً من متوسط مولودين لكل امرأة إلى متوسط 1.43 مولوداً في ذات الفترة الزمنية.

وتشمل الآثار المترتبة على شيخوخة السكان ارتفاعاً حاداً في تكاليف الرعاية الصحية، ونفقات تقديم تلك الرعاية، وانخفاضاً بنسبة الأفراد العاملين، وبالتالي انخفاضاً بمعدلات النمو الاقتصادي. كما ستؤدي شيخوخة السكان إلى الضغط على برامج التأمين الاجتماعي وأنظمة التقاعد التي تدعم كبار السن.

وتعد اليابان حالياً الدولة «الأكبر سناً» في العالم. ففي العام الفائت 2019، بلغت نسبة من تجاوزت أعمارهم 65 عاماً حوالي 28% من مجمل عدد السكان، ويُتوقع أن تمثل هذه المجموعة السكانية 40% من مجمل عدد سكان البلاد بحلول العام 2060. لكن الحكومة والقطاع الخاص يعملان بلا هوادة منذ عدة عقود حتى يومنا الحالي للتغلب على آثار شيخوخة السكان على الاقتصاد.

وأطلقت الحكومة اليابانية في العام 2000 برنامج تأمين الرعاية طويل الأمد، وهو برنامج عام يدعم كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق. ويتم تمويل البرنامج عبر فرض علاوة يدفعها المواطنون الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً.

ويمكن للمواطنين المسجلين في البرنامج الوصول إلى الخدمات عبر مشرفي الرعاية أو مقدمي الخدمات لقاء رسوم مشاركة زهيدة. وتتولى البلديات مسؤولية إدارة البرامج في مناطقها، وتتشارك مع مقدمي الخدمات من القطاعين العام والخاص في تنفيذها. وفي ذات الوقت، تتحمل الحكومة المركزية مسؤولية تحديد الرسوم المفروضة لضمان تحصيل رسوم عادلة.

ولا يعد ذلك النظام مثالياً بالطبع، ويطرح سلسلة من التحديات مثل قوائم الانتظار الطويلة والنقص في عدد العاملين في قطاع الرعاية الصحية. لكن تسير البلاد في الاتجاه الصحيح وتواصل بنجاح تقديم عدد لا يحصى من الموارد الأساسية للمسنين في المجتمع.

ويمكننا من خلال إشراك كبار السن في أدوار مصممة بحسب قدراتهم إضافة تيار جديد من المواهب لأي مؤسسة. كما يمكن تخصيص منتجات وخدمات لتناسب احتياجاتهم، وتمكينهم من التحول إلى مساهمين نشطين في المجتمع.