من غرفة مراقبة إلى غرفة عمليات

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/نوفمبر/٢٠٢٠ ١٥:٥٧ م
من غرفة مراقبة إلى غرفة عمليات

 بقلم: سمعان كرم 

في الزمن الذي تشهد فيه البلاد متغيرات عديدة من تعديلات في الهيكل الإداري للدولة ونحن نواجه تحديات جسام كالجائحة وانخفاض انتاج النفط وهبوط اسعاره، ونحن ننتظر صفّارة الحَكَم لإطلاق الرؤية 2040، تبقى غرفة تجارة وصناعة عمان صامتة، مترددة وضعيفة. تكتفي بكتابة توصيات سطحية بدل اخذ المواقف، وتبدي تمنيات مبعثرة لا يأخذها اغلب المسؤولين بعين الاعتبار والجدية.

من اهداف غرفة تجارة وصناعة عمان حسب نظامها الحالي (i) تمثيل القطاع الخاص محلياً ودولياً (ii) تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الإقتصادية الشاملة (iii) وضع الأسس والمبادىء العامة للقطاع الإقتصادي والاستراتيجيات والخطط اللازمة لتنفيذها في إطار السياسة الإقتصادية للسلطنة (iv) تذليل المعوقات والصعوبات التي تحد من النمو (v) تفعيل وتطوير دور مؤسسات القطاع الخاص بصورة عامة والصغيرة والمتوسطة منها بصفة خاصة (vi) الدفاع عن مصالح القطاع الخاص.

اي من هذه الأهداف حققت الغرفة حسب نظامها الحالي، حتى ولو جزئياً هل بالتمثيل وقد غاب عنها مّحركو الإقتصاد في القطاع الخاص؟ أم دورها في التنمية الإقتصادية أو تطوير المؤسسات الصغيرة أم الاشتراك الفعلي بوضع السياسة الإقتصادية للسلطنة؟

ليس المقصود هنا اليوم القاء اللوم على اي طرف ، بل الغرض هو إعادة النظر في نظامها وآدائها كي تتماشى مع المتغيرات والاشتراك الفعلي بالنهضة المتجدّدة.

أمورٌ عديدة قد تبدّلت لها تأثير مباشرٌ على القطاع الخاص وبالتالي الغرفة.

اولاً - في دور القطاع الخاص كما جاء في الرؤية 2040 إذ انها اعطته الدور الرائد والمعّول عليه ان يقود اقتصاداً

مستداماً قادراً على النمو وعلى توظيف الآلاف من القوى العاملة الوطنية. خلال العقود الفائتة لم تكن الدولة بحاجة إلى القطاع الخاص إلى الدرجة التي وصلت اليه اليوم. فهي استخدمت قواها وخيراتها لتشييد البنية الأساسية للإقتصاد واهتمت بصحة مواطنيها وتأهيلهم بالعلم والتدريب المهني والتقني والجامعي بالرغم من الملاحظات العديدة التي يتحّفظ بها القطاع الخاص من ناحية جودة التعليم وضعف انسجامه مع متطلبات السوق، واهتمت الدولة لوضع السلطنة عالياً على الساحة الدولية وبنت قوى مسلحة تحمي البلاد وأمنها. أما الآن اصبح اتكال الحكومة على القطاع الخاص اكثر الحاحاً. مثل الولد البكر الذي هيأ له أهله العيش والعلم ورأس المال فجاء دوره ليتسَلم شؤونه ومستقبله، خصوصاً وان الحكومة منهمكة بأمور اخرى بنفس الاهمية مثل إعادة تنظيم الشركات الحكومية ومراجعة حوكمتها وكذلك إدارة استثماراتها واحتمال انتقال بعض هذه الاستثمارات للقطاع الخاص وتأمين السيولة لعملها في هذه الظروف الصعبة. هذا يشكل اول سبب لضرورة إعادة النظر بهيكلية الغرفة.

ثانياً - في اعطاء المحافظات والمحافظين مسؤوليات أكبر من أجل تنمية المحافظات لأن أهلها هم الذين يعرفون حاجتها. هذا الوضع يفرض ايضاً إعادة النظر بنظام الغرفة واختصاصات فروعها في تلك المحافظات.

ثالثاً - ونحن قد عرفنا طعم العيش الرغيد أيام البحبوحة، وزمن الإتكال بأكثر الأمورعلى الحكومة، بعد التوكل على الله، لتأمين حاجاتنا من أراضٍ ودعمٍ ومنحٍ وتوظيف وهبات وتعليم وصحة، فقد جاء الوقت ان نتكيّف مع الظروف وان نسعى لبحبوحة جديدة مستدامة من خلال المساهمة في تنفيذ الرؤية 2040.

ماذا نقترح كي يتماشى اداء الغرفة مع اهدافها على ضؤ المتغّيرات المذكورة؟.

من ناحية التمثيل يختلف هنا هذا التمثيل في مجلس إدارة الغرفة وفروعها عن التمثيل في مجلس الشورى مثلاً. الغرض من الأول هو تمثيل التجار والصناعيين ورواد الأعمال المؤثرين على الإقتصاد والملتزمين بالقرارات الحكومية من تعمين وضرائب وغيرها. بينما الغرض من الثاني هو تمثيل جميع شرائح الشعب في جميع المناطق. من هنا يجب تعديل آلية الإنتخاب كي يصل التجار هؤلأ إلى مجالس الإدارة.

من ناحية الإختصاصات واللامركزية المنشودة تُحدّد اختصاصات غرفة تجارة وصناعة عمان في تمثيل القطاع الخاص امام الجهات الحكومية المختلفة وفي المحافل الدولية ووفودها التجارية، ووضع الدراسات والابحاث الإقتصادية استعداداً للمشاركة الفعلية والمسؤولة في رسم السياسات الإقتصادية الوطنية، ومتابعة اعمال الفروع وتمكينها ادارياً ومالياً، ودعم نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإقامة المعارض داخلياً وخارجياً لترويج المنتجات والخدمات الوطنية.

بينما تكون اختصاصات الفروع وخصوصاً فرع مسقط الذي يجب استحداثه تجاوباً مع التوجيهات ان يكون هناك فرعٌ لكل محافظة دون استثناء، تكون اختصاصات الفروع الإهتمام بالشؤون الاقتصادية الخاصة بالمحافظة وتنمية القطاع الخاص الذي يعمل ضمن مساحتها، وابداء الرأي بالقضايا الاقتصادية الوطنية من خلال غرفة عمان الأم.

كذلك توضيح آلية عمل واختصاصات مجلس الإدارة وحصر دوره بالحوكمة والمراقبة والتوجيه وترك العمليات التنفيذية اليومية للجهاز التنفيذي المتخصص ولا داعي لتواجد اعضاء المجلس في الغرفة في مكاتب خاصة وبصورة شبه دائمة. كلها جزئيات جوهرية يجب بحثها وتعديلها اذ ان الوقت قد حان كي نخرج من غرفة المراقبة إلى غرفة العمليات.