أوقات عمان الصعبة..من الظلام إلى النور

بلادنا الأحد ١٠/يناير/٢٠٢١ ١١:٥٦ ص
أوقات عمان الصعبة..من الظلام إلى النور

 مسقط - الشبيبة

لم تتخيل آن فوجل الأمريكية ذات 22 عاما وهي تحط رحالها في مسقط عام 1978 أنها ستكتشف بلدًا به الكثير مما يستحق الإهتمام ..وبلدا سيتغير خلال فترة زمنية .

جاءت ضمن فيالق السلام (تأسست فيالق السلام الامريكية في عام 1960 على يدي جون كينيدي) وعمل ما يقرب من 200000 من متطوعي فيالق السلام في البلدان المضيفة لهم على قضايا تتراوح بين الإيدز التعليم لتكنولوجيا المعلومات والحفاظ على البيئة

عايشت شخصيات عديدة بدايات السبعينات ..الفترة التي يحل فيها المرء على عمان فلايجد شيئا سوى ورشة عمل بدأت تنطلق بأسم النهضة . وتنظر هذه الشخصيات الى التجربة بمزيد من الدهشة والإرتياح من حيث القفزة التي حققتها السلطنة والفارق الكبير لدى معايشتهم الواقع العماني في السبعينات ومايشاهدونه ويسمعونه عن عمان اليوم.

مرت على البلاد وجوه كثيرة  أوروبية وأمريكية أنيطت بها مهام كثيرة مع بداية تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم في السلطنة..أتى كثيرون في ظروف صعبة ليساعدوا الدولة العمانية في تنفيذ مشاريعها.. تربوية كانت أو أقتصادية او عسكرية كل قضى فترة زمنية وعاد أدراجه إلى موطنه حاملا معه تجربة بلد يبدأ الحياة من جديد ومن هناك ما وراء ضفة الأطلسي الأخرى أصبح يعيش ذكرى هي ذكرى إقامته وعمله في عمان وماذا حدث بعد تلك الفترة وكيف كانت.

أتى كثيرون إلى البلاد حيث لم يكن بها شيء سوى الفقر والمرض والجهل..أتو وعملوا وساهموا مع العمانيين في بناء البلاد.
من ضمن هؤلاء الذين ألتقت بهم الشبيبة في حوار عادوا به إلى خمسينات وسبعينات القرن الماضي معلمة أمريكية وعسكري بريطاني وضعوا لنا شهادتهم أمام القارئء ليصفوا تجربتهم في السلطنة..تجربة مليئة بالمشاهدات والتفاصيل الصغيرة.

آن فوجل أمريكية تبلغ من العمر حاليا حوالي 54 عاما قدمت الى السلطنة وعمرها 22 عاما وتحديدًا في العام 1978 بعد حوالي 8 سنوات من بدء التنمية ومواصلة تأسيس الدولة وبنيتها الأساسية الإقتصادية والتنموية والتربوية والعسكرية..جاءت إلى عمان كمدرسة للغة الإنجليزية حيث قضت 6 شهور في بهلاء لتدريس اللغة الإنجليزية.

اسمتها الطالبات "أبله امينه" تيمنا بالأسم الذي يطلق على المعلمه في تلك الفترة والتي وصلت كما تقول صباحا في مسقط في يوم حارق ملتهب ثم انطلقت إلى المنطقة الداخلية لتقوم بمهمتها في التدريس في قرية بولاية بهلاء هي الغافات حيث تروي قصتها هناك فقد قضت ذكريات رائعة مع الأهالي في هذه القرية .في وصفها لتجربتها التي بدأت عام 1978 من القرن الماضي تقول :جئت في العام 1978 لأعمل معلمة متطوعة للغة الانجليزية مع فيالق السلام وكنت مبتهجة جدا للعمل والعيش في عمان.

وتصف آن ذلك بأنه لم يكن شعورها لوحدها بل أيضا أسرتها فتشير "كانت أسرتي فرحة من أجلى أيضا وعندما كانت طفلة كانت أسرتى تستضيف العشرات من الطلاب من مختلف دول العالم. وكانت أسرتى سعيدة جدا، فهم يعرفون عنى حب المغامرة وحب المعرفة والسفر. وكنت أرسل لهم ولأصدقائى فى أمريكا خطابا كل أسبوع أصف فيه التجارب التى أمر بها في عمان لذا كنت سعيدة أن أعلم وأتعلم المزيد عن عمان وشعبها وفي نفس الوقت أيضا كنت قلقة لأنه لم يتوفر لي سوى شهرين فقط لأتعلم العربية لأستخدمها بشكل مقبول في الحديث.

ولم تكن سلطنة عمان الدولة الوحيدة التي سافرت إليها آن بل ذهبت الى دول أخرى ومنها شرق أوسطية فتقول"في العام 1978 سافرت لأول مرة إلى عمان. وقبلها بعامين أو ثلاثة كنت ضمن برنامج التبادل الطلابي، حيث ذهبت إلى إيران موفدة من قبل الكلية التى كنت أدرس بها ، لويس أند كلارك كوليدج (كلية لويس وكلارك) في بورتلاند، ولاية اوريجون.

ولم تكن لدى الزائرة الجديدة للسلطنة أي فكرة عن البلاد إلا ماأستطاعت أن توفره من قراءات صغيرة فقالت"درست قدر استطاعتى عن عمان، لكن فى العام 1978، تعلمت قدر ما أستطيع من خلال الكتب ومن خلال متطوعي فيالق السلام. وقبل سفرى الى عمان درست العربية العمانية ( اللهجة المحلية العمانية) بمساعدة العديد من المتطوعين فى فيالق السلام. وتدربنا جميعا فى الرباط (المغرب)على يد شاب عمانى، كان اول شكل من أشكال الاتصال بيننا وبين عمان. وتعلمنا وقتها الامور الأساسية البسيطة التى تمكنا من التواصل مع الناس.

وفي المطاراستقبلها مسؤولون عمانيون بالإضافة إلى مسؤولون من فيالق السلام " ورحب الجميع بي بشدة"

وتصف آن لحظة خروجها من المطار عند وصولها مسقط بقولها "أول تجربة مررت بها كانت خروجي من المطار في مسقط واحساسي بالجو الحار والرطوبة المرتفعة. وملأ الهواء الحار والرطوبة رئتي، والتصقت ملابسي بجسدي. ومن التجارب الأولى كان رؤيتى للميناء وقلاعه البرتغالية (ميناء السلطان قابوس ) واقتراب خط السماء من البحر، وخلو المنظر الطبيعى من ناطحات السحاب التى تشوه جمال الطبيعة. كانت السماء صافية زرقاء جميلة.

وبدأت أحدق في الدشداشة الجميلة والكمة والخناجر العمانية. وكان الجميع مهذبون، مع بعض الفضول لمعرفة تلك المرأة ذات الشعر الأشقر والعينين الزرقاويتين.

وتواصل آبله أمينة حديثها عن أولى أيامها في السلطنة فقالت" أمضيت أياما قليلة في مسقط، بعدها خرجت الى الصحراء في سيارة لاند روفر ، عبر نزوى والحمرا، الى قرية الغافات التى أقمت بها. وأتذكر أنى رأيت القرية وأنا على بعد في غمر .. كان المشهد جميلا، حيث اللون الأخضر لأشجار النخيل، والمنازل الصغيرة المبنية من الطوب اللبن تستكين تحت ظلال النخيل. وبعيدا عن خط الساحل، بالقرب من الجبل الأخضر، كان الجو أكثر لطفا، والرطوبة كانت أقل.كنا نشرب المياه من قارورة من الطين(الجحلة) تكون معلقة على طرف شجرة نخيل وعندما احضرت الثلاجة الى سكننا حلت المشكلة ..كانت طالباتي يستغربن من عمل مكعبات الثلج في الثلاجة.

وتتطرق آن فوجل الى فترة علاقة الناس بالدولة الحديثة التي مضى على تشكلها 8 سنوات فتقول في العام 1978. وفي ذلك الوقت لم يكن الإحساس والشعور بالوطنية قويا. كان الناس وقتها منحازون بقوة لعائلاتهم ولشيوخهم ، ولكن لم يكن هناك ذلك الشعور بأنهم ليسوا جزء من عمان. وكان كل المعلمون أجانب، لأن عمان لم تكن قد خرجت بعد أبنائها من المعلمين، لم يكن هناك مدارس ثانوية، وكان الطلاب العمانيون يسافرون للخارج لاستكمال تعليمهم. وكان معظم المعلمون مصريون.

وتضيف لم يكن هناك بالطبع هواتف ولا تلفزيون ولا تكنولوجيا حديثة، وكان الناس يسافرون ويتنقلون بالجمال أو بسيارات لاند روفر. ولم يكن في الغافات بنك، وكنت أتعامل مع بنك فى نزوى على ما أعتقد.

وتحدثت آن عن يومياتها في الغافات التي قامت بالتدريس فيها فتقول:
في الغافات كنت أعيش مع معلمتين مصريتين ومعلمة أردنية في منزل جديد. وكن لا يتحدثن سوى العربية، وكانت لهجاتهن المحلية مختلفة بالطبع عن اللهجة العمانية التى تعلمتها في الرباط (المغرب). لذا كان اسهل علي أن أتحدث مع العمانيين.

كنا نستيقظ مبكرا كل صباح ونمشى الى مدرستنا الصغيرة والتى بناها رجال القرية في يوم واحد من أشجار النخيل والطين. كانت المدرسة صغيرة جدا، لكنها كانت لطيفة الجو. ومازلت أذكر النسوة العمانيات اللائى كن يعطيننى كل صباح القهوة والتمر. وكانت هناك واحدة منهن تربت على كتفي وكأننى ابنتها وتهتم بهندامى ومظهرى وتشجعنى بكلمات طيبة.

وأطلق الطلاب علي لقب "الأبله" أمينة، ,أحببت هذا الاسم. وكان طلابي جميعهم من الفتيات من عمر 6 الى 14 سنة. وكانت الطالبتان الأكبر سنا من بين الطالبات هما أبنتي الشيخ عبدالله الهنائي. واحدة كان اسمها شيخة ، والأخرى لا أتذكر اسمها. وكانت كل الطالبات فضوليات نحوى لأنى كنت أول شخص، رجل او إمرأة غير عربي وغير مسلم يعيش في القرية. وكان الجميع مهذب، وأحبو تحدثي باللهجة العمانية وليس المصرية.

وتقول أبله امينة: أيضا أسلوبي فى التدريس جعل كل الفتيات يحببننى، لم أكن أضرب أى منهن ومنهجيات التدريس المستخدمة من قبل المدرسين العرب كانت مختلفة تماما عن ما كنت قد تعلمته في الكلية وعدت الى استعمال أسلوب التعليم التفاعلي للغاية مع الحركة والمناقشات الجماعية وكان من نتيجة ذلك أن الطلاب أصبحوا يتفاعلون ويسألون لم أكن استخدام العقاب البدني في الصف وهذا أصبح مشكلة صغيرة لأن مديرة المدرسة كانت تريد مني أن أضرب الفتيات. لكنني رفضت ، يمكننا أن نتعلم معا كجزء من ديناميكة المجتمع. واحترمت الطالبات ذلك في، وكن جميعهن مهذبات ولديهن رغبة فى أن يتعلمن. وكانت الملاريا هي المشكلة في ذلك الوقت، وأتذكر اصابة طالبتين بها، وإبقائهما في الشمس خارج المنزل حتى تحترق الحمى، وقتها كان هذا هو العلاج، حيث لم يكن هناك أى مستشفي او عيادة قريبة. اما عن الخدمات في البنية الأساسية في تلك المنقطة فتقول " كانت القرية وقتها على أول الطريق نحو التحديث، لم يكن هناك طرق او شوارع، وكانت الكهرباء من المولدات فقط. لكن حكومة السلطان قابوس التفتت الى الغافات التفاتة كريمة، وبنت مدرسة حديثة للأولاد ورصفت الطرق وبنت سكنا جديدا للمعلمات.

وتصف أول يوم لها في التدريس فقالت "منذ اليوم الاول، وعندما وجدت أن غرفة الدراسة مبنية من النخيل أدركت أنه علي ان أكون مبدعة في التدريس، فلا موارد تعليمية متوفرة ولا كتب. عرفت أيضا أن الفتيات وقتها كن يبدأن تعلم اللغة العربية، وبالطبع الاهتمام باللغة الأم كان أكبر من الاهتمام بتعلم الانجليزية. لذا ركزت على تدريس الانجليزية المستخدمة فى الحوار والمحادثة، وركزت على تعديل طرق التدريس لتتناسب مع الوضع الموجود. وكنت ادرس للفتيات فقط، وكان هناك احتكاك محدود مع الطلاب. وفي البداية سألنى الطالبات عن كيف سمح لى والداي أن اسافر بلدا بعيدة بمفردى وأنا عزباء. وقلت لهم أن الفتيات قبل الزواج اعتدن فى بلادى على السفر لبلاد بعيدة والعمل هناك كما سألني عن عائلتي وديني وكانت الطالبات يتابعن ماأقوم به من نشاط مثل المشي والجري وساعدتنى الفتيات على تعلم اللهجة العمانية أكثر، وكنت في المقابل أعلمهن الانجليزية، كان جوا من المرح والتعلم أسعد الجميع.

وتحدثت أبله امينه عن تعامل أباء الطالبات معها فتقول "كان أباء الطالبات عطوفون جدا معي، وكانت الأمهات ترسل لى هدايا صغيرة مع الطالبات مثل التمر و الليمون والفاكهة أو صورا صغيرة.

لم يكن لدى الأباء معرفة واسعة بالجغرافيا، وكانوا يعتقدوا أنى أنجليزية ولست امريكية طالما أني أدرس اللغة الانجليزية وتقول" شرحت أنني أمريكية ولكن لا اعتقد انهم فهموا وبالنسبة لي هذا لا يهم فقط لأن الصداقة أهم من ذلك "

اما عن تعليقها عن تجربتها الحياتية والإجتماعية والثقافية فقالت ان "

كانت الثقافة العمانية مختلفة جدا، رغم هذا كانت ثقافة مرحبة. وإرتديت قمصانا بكم طويلة، وتنورة طويلة وغطيت رأسي. وأعطتنى بعض النسوة بعض الألحفة الملونة لأغطى بها رأسي. وعندما كنت أتناول الطعام مع أناس من القرية، بالطبع كانت عادات الطعام مختلفة، لكن الجميع كان صبورا معي في تعليمى عادات الطعام العمانية. وبسبب حرارة الجو كنا نستيقظ مبكرا ونعمل حتى وقت الظهيرة و نرتاح قليلا، ثم نعود للعمل مرة اخرى.

وتستطرد قائلة "فى العام 1978 كانت الحياة بسيطة بطيئة الوتيرة. وكنت أجلس مع المعلمات وبعض نساء القرية حتى وقت متأخر من الليل نتسامر. وقتها لم يكن هناك كهرباء، فكانت صفحة السماء أروع ما يكون فى الليل. وفي ليلة أخبرتهم أن أمريكا ارسلت رجالا الى سطح القمر، لم يصدقنى أحد بالطبع. ظنت النسوة أنى امزح. بل وطلبن منى أن أعيد عليهم تلك الحكاية أكثر من مرة.

وتضيف: في عمان كان أتصالنا بالرجال قليل حسب ثقافة المجتمع وبالرغم من ذلك فقد تمت دعوتي وأثنين من الاجانب الى منزل احد وجهاء القرية ومن خلال الحديث شعرت أنه يريد لبناته أن يصبحن معلمات كذلك ويعلمن النساء في القرية لاأن يتزوجن في سن مبكرة ويتركن الدراسة كما كان يحدث لبعض طالباتي هناك..كان ذلك تحول جيد في المجتمع .

أيضا اتذكر وقوع كسوف للشمس فى عمان، وقتها خافت الناس بشدة، وفزعو بعدما اظلمت السماء لمرور القمر بين الأرض والشمس، وبدأ البعض يصلي وبعضهم خرجوا من بيوتهم ، لم يكن الناس أئنذاك يفهمون ما يحدث.

وكانت الوجبات أيضا بسيطة. كانت المعلمات المصريات يطهين الكثير من الفول والأرز، وكنت اشاركهن الأكل احيانا. وكان الطعام المفضل لدي هو التمر والفواكه الطازجة. وقدمت الطالبات لى العديد من أنواع التمر التى لم تكن متوفرة فى امريكا. وكنت أحب القهوة مع الحلوى.

اما عن أصعب ماكان يواجهها ولحظاتها فتقول "أصعب ما كان فى إقامتى فى الغافات هو عدم التحدث بالانجليزية كما اعتدت، ورغم أن الطالبات كن يدرسن لى العربية، كنت أحن الى الحديث بالانجليزية. وكانت الفرصة الوحيدة لأتحدث الكثير جدا من الانجليزية هى عندما أزور بعض الممرضين والمعلمين في فيالق السلام في مسقط . بخلاف ذلك كنت استمتع تماما بالعيش في مسقط.

وعندما سألتها عما إذا كان هناك تواصل بينها وبين أهالى الغافات قالت أبله امينه " للأسف ليس هناك الأن تواصل بينى وبين أى أحد من الغافات. لكنى أتمنى أن أزور أحد هناك أو أتراسل مع أى أحد هناك"

وزارت ابله امينه خلال إقامتها نزوى والحمرا ومسقط.وهي تتمنى أن تزور السلطنة مرة اخرى فتقول "أتمنى أن أعود مرة اخرى لعمان مع زوجى وابنى البالغ من العمر 16 عاما وابنتى البالغة من العمر 10 سنوات"

وعن أية أحداث كانت تسمعها في تلك الفترة في السلطنة في تلك الفترة قالت "وجهتنا الحكومة الأمريكية ألا نسافر الى الجنوب العماني، بالقرب من اليمن، بسبب الصراعات المحتملة هناك، والخطر الذي قد نتعرض له.

ولازالت أبله امينه تتذكر أسماء بعض الاهالي في البلاد لاسيما في الغافات القرية التي عملت بها فتقول أتذكر أسم أتذكر اسم الشيخ عبدالاه الهنائي أحد وأتذكر الاسماء الاولى لبعض تلميذاتي، مثل موزة وحمامة.

وتضيف قائلة" بعد إنتهاء المدة التى عملت خلالها في عمان وعودتى لأمريكا لم أتمكن من زيارة عمان مرة أخرى. لكنى أعلم أنه خلال العقود العديدة الماضية تغيرت عمان كثيرا، وتوفرت بها التكنولوجيا الراقية والخدمات الصحية المميزة والعمران وصارت تتمتع ببنية أساسية قوية. وأتمنى ألا تكون روح الصداقة والطيبة عند الشعب العمانى تغيرت. وتضيف "فى عمان الأن مدارسها ومعلميها ومعلماتها ونظامها الخاص من المدارس العامة والجامعات. وهو أمر رائع أن تغير الدولة هكذا بتلك السرعة تحت قيادة حكومة قوية وحكيمة" وتحدثت "أن" في ختام حديثها قائلة أنا اعتقد أن أفضل طريقة يحل بها السلام فى العالم كله هو أن نجعل الشعوب، وخاصة أجيال الشباب، تمتلك الفرصة لأن تتعرف على ثقافات وشعوب أخرى. والأن، أبنائى مهتمون جدا بالسفر، ونحن كأسرة نستضيف الكثير من الطلاب من دول مختلفة في بيتنا في سياتل، في ولاية واشنون.

وقدمت أبله امينة كلمة شكر قائلة" أود أن أرسل خالص شكرى لكل الشعب العمانى الذي رحب بى عندما كان عمرى 22 عاما فقط قادمة من مكان بعيد جدا. وأعبر عن عميق امتناني لكل الود وروح الصداقة التى رأيتها من الشعب العماني.

يبلغ المقدم (اللفتنانت كولونيل متقاعد) واتسون باتريك من العمر حاليا حوالي 70 عام وقد اتى لاول مرة الى السلطنة عام 1958 قبل حوالي 52 عام في عهد السلطان سعيد بن تيمور والد جلالة السلطان المعظم حيث يقول عن مجيئه"أتيت لأول مرة إلى سلطنة عمان عام 1958 أثناء صراع الجبل الأخضر"

ويصف باترك واتسون التنمية في البلد في تلك الفترة بأنها كانت محدودة، وكان المطار الرئيسي موجودا بجوار الوادي الكبير في بيت الفلج.

جلس باترك لفترة محدود في البلاد ثم رجع للعمل في مكان آخر في العالم كما يقول "في تلك الأثناء كنت أعمل في مكان آخر في العالم مع الجيش البريطاني"

ثم عدت إلى عمان عام 1981 إلى بيت الفلج للعمل كضابط أركان في وزارة الدفاع. ولذلك فقد شعرت بعظيم الدهشة والسرور عندما رأيت التطور الكبير الذي حدث منذ أن كنت في عمان آخر مرة عام 1959، وبصفة خاصة منذ انطلاق النهضة المجيدة في يوليو عام 1970.

ويصف الضابط البريطاني تلك الفترة من عمان بأنها كانت فترة حساسة جدا فيقول " لقد كان الصراع في ظفار في أوئل سبعينات القرن الماضي، والذي كان للمملكة المتحدة شرف الشراكة مع السلطنة وحلفائها الآخرين في إنهاء التمرد، كان وقتا حساسا في تاريخ عمان، وهو مؤشر على الحاجة إلى وجود قوات دفاع وأمن فعالة كإطار عمل تستطيع التنمية أن تحدث من خلاله. ومنذ ذلك الحين، ومع تطور مجلس التعاون الخليجي، لعبت عمان دورا حيويا في الشؤون الإقليمية، بما في ذلك المشاركة في الصراع العراقي الأول، بالإضافة إلى كونها قوة كبيرة للخير على الساحة العالمية على على حد تعبيره.

ويضيف الضابط البريطاني في تناوله المختصر عن فترة وجوده في عمان ومشاهداته عن المراحل التي قطعتها البلاد في تطورها وتنميتها "لقد كنت محظوظا بالعمل في بيت الفلج ثم بعد ذلك في مكتب رئيس أركان الدفاع في معسكر المرتفعة لمدة أحد عشر عاما، وأثناء هذا الوقت شهدت نموا ثابتا داخل قوات السلطان المسلحة وتطورا في السلطنة ككل، وكذلك الانتقال التدريجي للعمانيين إلى الوظائف في الإدارة العليا التي كان يشغلها في السابق مستشارون وافدون.

في عام 1995 عاد واتسون إلى عمان ليشغل وظيفة في طاقم نائب رئيس الوزراء للأمن والدفاع أنذاك ، ثم بعد ذلك في مكتب الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع حتى تقاعده عام 2005.

يقول واتسون "أثناء هذا الوقت، وتحت قيادة صاحب الجلالة السلطان، سار التقدم في التنمية على قدم وساق في ظل قيود ميزانية مرتبطة بسعر النفط ولكن مع التأكيد الواضح على رفاهية الشعب من حيث الصحة والتعليم والإسكان والمرافق والاتصالات، والحاجة إلى تطوير اقتصاد متنوع. وفي نفس الوقت كان هناك توجه واضح نحو موازنة احتياجات بناء بنية أساسية حديثة والحفاظ على تراث عمان الرائع. وانطباعي هو أن هذا التوازن تم تحقيقه بلمسة من الجمال، وهو أحد الأسباب التي جعلت من سلطنة عمان إحدى الوجهات السياحية المحبوبة"

فوق ذلك كله يرى الضابط البريطاني بحكم تجربته في عمان وعمله لسنوات طويله وأقترابه من العمانيين وهو الذي يتحدث العربية بشكل جيد جدا أن أفضل ماتمتلكه عمان هو شعبها فيقول "لكن أعظم الأصول (أي الموارد) التي تمتلكها سلطنة عمان هو شعبها، ولا أعتقد أنني قد قابلت أبدا أي أوروبي قد ذهب إلى عمان ولم يكن قد أعجب بشكل كبير بالود والمجاملة والكرم الذي لاقاه في تعامله مع الشعب العماني. هذه الخصائص الوطنية ومعها الطبيعة الجميلة المتنوعة في سلطنة عمان تمتزج معا لتجعل من عمان واحدا من أفضل الأماكن في العالم سواء للعمل أو للترفيه.

وحول تواصله الحالي مع عمان كونها البلد الذي يمثل ذكرى خاصة له فيقول واتسون "وأما وقد حظيت بشرف العيش في السلطنة لما يزيد على خمسة وعشرين عاما، فقد أصبحت أنا وأمثالي كثيرون ممن عملوا هناك قادرين على الحفاظ على التواصل تحت رعاية الجمعية العمانية البريطانية ورابطة قوات السلطان المسلحة، وعلى الرغم من خلفياتنا المتنوعة المختلفة، فإننا لدينا جميعا شيئا واحدا مشتركا وهو الميل الشديد الى سلطنة عمان وشعبها والفخر بإنجازاتها..