الآراء حينما تتحول لمشانق

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/يناير/٢٠٢١ ٠٨:١٩ ص
الآراء حينما تتحول لمشانق

مسقط - الشبيبة

بقلم:
محمد بن علي البلوشي 

لطالما تشدني التجارب والبدايات الصغيرة التي يبدأ بها طامحون ومغامرون ..كانوا عدما أولا شي إلى أن تبزغ وتنتشر أسمائهم في كل الدنيا..يبدأون من أماكن صغيرة وضيقة.عادية بأسقف مفتوحة فتعلوا أفكارهم وتقفز البدايات إلى مرحلة النمو والتطور. لننتبه إلى قصص العلامات التجارية التي أصبحت اليوم أمبراطوريات في العالم كشركات عابرة للقارات تنتشر فروعها في مدن العالم الكبرى وفي البلدان الصغيرة وتصل خدماتها ومنتجاتها إلى القرى والغابات..إن ذلك لايثير الإعجاب والذهول فحسب بل هي معجزات القرن العشرين.. والثورة الصناعية الرابعة والخامسة التي بدأت تشق الطريق في الذكاء الأصطناعي وانترنت الأشياء هي معجزة البشرية في القرن الحادي والعشرون وأتمنى أن يعطينا الله تعالى العمر لنر ونعيش معجزات مقبلة.

يتجاهل الناس هذه البدايات ولربما لايقرأون قصصها الغريبة والعجيبة.مارك روزبرغ في شهادته امام الكونغرس قال له احد رؤساء الجلسة" من غرفة صغيرة إلى اكبر شركة في العالم..هذه هي أمريكا..لوكنت في الصين لن تفعل ذلك." لكن قصة على بابا وقصة الصعود الصيني الصناعي في العالم ترد على سعادة النائب المحترم.

في الأسبوع الفائت وعلى تويتر أندلع جدل عماني واسع مع وزير الاقتصاد -بالمناسبة لأعرفه ولم أعرفه وعرفته حينما عين وزيرا للأقتصاد- لكن قصته التي أوردها تستحق التدبر والتأمل ففي حين تركز البلدان في الاقتصاد الرأسمالي على نمو الطبقة الوسطى عبر تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي إن أجتهد أصحابها سيمرون بنفس الطريق الذي سار فيه مؤسسو العلامات التجارية الكبرى ستاربكس وتويتر وامازون وعلي بابا وغيرهم الكثيرون..لن ينتشرون لكنهم سيملكون مشاريعهم الصغيرة التي توفر وتدر لهم دخلا ويديرونها كمملكة صغيرة لهم..بدلا من إنتظار وظيفة حكومية أو راتبا أخر الشهر.والأخرى أن هذه المؤسسات حينما تنمو تولد فرص عمل ومن ثم تقل اعداد الباحثين عن عمل والمتعطلون عنه ولاحقا تزدهر هذه الطبقة وتتوسع وتتأكل في المقابل الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي.إلا أن الجمهور والمتفاعلون لايريدون أن يستمعوا ويحللون المغزى من هذه المؤسسات الصغيرة والتي أختصرها الوزير بالمقهى.الذي مثله مثل المؤسسات الأخرى تبدأ صغيرة وتنموا.هم يرون أن الوزير لايليق به أن يطرح مثال المقهى.حسنا كيف نبدأ ببث الحماسة وتوسيع المدارك بدون الأمثلة مثلا.كيف تقنع من لايقتنع أن بإمكانك أن تكون ناجحا.الأمثلة الصغيرة لاتخاطب عقولنا نحن بل تخاطب شريحة عمرية هي التي تستهدفها الحكومة لتحفيزهم على العمل واقتناص الفرص.وسأعود من ماوراء الأطلسي إلى تتبع قصص النجاح في منطقة الخليج..منطقة الفرص الصاعدة التي يتمنى الكثيرون أن يعملوا بها بحرية إلا أن سكانها ونحن جزء منهم لانريد تتبع مثل هذه القصص وكيف نستلهم منها النجاح .ألا تكفي قصص مراكز التسوق الكبرى التي بدأت بمحل أو دكان أو "صندقة" لتصبح مجموعة مراكز تسوق تنتشر في بلدان العالم..ألا تكفي قصة الصيدلي الذي أتى حافيا كما يقال وصار له من المليارات ليؤسس مجموعة طبية ضخمة-تجاهلوا الاخبار السيئة التي شنت عليه-.لكن الناس يعدمون ويشنقون التجارب الصغيرة هم يريدون الصعود للأعلى دون تدبر قصص النجاح وهناك من يرى أن رأيه هو الأفضل والأقوم والأصلح.

إن مثل هذه المشانق اللغوية في الردود تخفي أحيانا غيضا غير مبرر لربما وتعكس طريقتنا في الحوار والنقاش وبخاصة إن كان طرفاه على مقدار من النضج والوعي وليس كحال الجماهير التي قد تجدف في الردود..

إنها مشانق من الردود تعدم طموحات الخريجين الذي يمتلكون شهادات ولايمتلكون مهارات ولايعرفون كيف يشقون طريق النجاح بذاتهم.في الواقع أن ذلك يعيدنا إلى إرث من الإتكالية والخمول وجمود طريقة التعليم.استمعوا للاخرين-فقط- فهم يقدمون قصصا في شق طريق الامل والنجاح لاتشنقوا هذه القصص..كفوا عن التذمر وتجهيز المشانق.